معاهدة لوزان تدخل حيز النسيان

0

بمضي مائة عام على معاهدة لوزان لم يعد أحد من السوريين يذكر هذه المعاهدة.

اللهم إلا بعض الكتاب السوريين والأحزاب السورية خصوصا الكردية منها.

فالحال التي وصل اليها حال السوريين خصوصا خلال السنوات العشر الأخيرة شغلتهم عن قضايا كثيرة مثل قضية لوزان.

فلم يعد أحد يحفل لقضية الجولان المحتلة أو لقضية لواء اسكندرون المغتصبة، لأن الاحتلالات الجديدة شملت ما هو أكبر وابعد.

الصحفي والكاتب عبدالرحمن ربوع نشر قبل أيام مقالا عن قضية لوزان وما اعتراها من تأخر في قائمة أولويات السوريين سواء كانوا نظاما أو معارضة.

ولفت في المقال التي نشرتها صحيفة روناهي إلى أنه خلال مائة عام مضت على إمضاء معاهدة لوزان بين الأوروبيين والأتراك.

ترسخ واقع جيوسياسي أرسى لصفيح ساخن ومناخ مشحون وواقع قلق لا يمكن التعايش معه ما لم تعد الأمور لِنصابها ويأخذ كل ذي حق حقه.

كما أشار إلى أن الكرد لا يبدون قانعين أو راضين بأقدار السياسة التي رسمت حدود المنطقة قبل مائة سنة.

وذلك لأنها لم تسلبهم فقط حصة عادلة من الجغرافيا؛ بل حرمتهم من حق عادل بالاعتراف بوجود فاعل ومؤثر قومي وثقافي، بل تجاوزت كل حدود الجور والحيف بإنكار وجودهم.

وذكرت المقال بالحسرة التي تهز الكيان كلما حلت ذكرى تلك البلطجة السياسية التي مارسها حكّام تلك الدول على حق أصحاب الأرض الذين مُنعوا حتى من حضورهم لذلك التوقيع المشؤوم في ذلك اليوم الأسود (24 تموز1923) الذي تعاهدت فيه الضباع على سلب الحقوق وإنكارها وتقاسم غنائم غزواتهم الآثمة وحروبهم الحرام.

لعنة الجغرافيا والتاريخ

كما أن انشغال السوريين بأزمتهم المستعصية منذ اثنتي عشرة سنة لم يسمح لهم بتذكّر لوزان.

وما أصابهم بسببها من لعنات السياسة والجغرافيا والتاريخ.

وأنها لعنات أفقدتهم التوازن وراكمت عليهم الشجون، وأدخلتهم في دوامات التيه فلا يكادون يهتدون إلى سُبل الرشاد.

ولم يعودوا قادرين على تحديد طريق نجاة.

ووصلت الفاجعة بالسوريين أن اعتبر بعضُهم أعداءَ الأمس حلفاءَ اليوم، فلم يعودوا يميزون العدو من الصديق.

بل تجاوزوا هذه المرحلة إلى اعتبار الحليف عدوًا والعدو حليفًا.

فتعمقت الجراح ووصلت حد الإنتان وانعطبت البلاد واستعصى المخرج ولا يبدو لها من دواء إلا الكي.

على الرغم من حساسية معاهدة لوزان في وجدان السوريين إلا أنهم لم يُسمع لهم سواء نظام أو معارضة رِكْزًا حول نكبة هذه المعاهدة.

فالمعارضة المُرْتَمِيَة في أحضان الضباع الموقّعين عليها آثرت السكوت.

وكذلك فعل النظام الذي يخطب وِدَّهم ويتحاشى التصادم معهم.

لكن فقط الكرد هم الذين لم ولن ينسوا نكبة لوزان، ويواصلون قرع طبول الحرب على المعتدين الغاصبين، والنفخ في صور القضية وإطلاق النفير.

مشاركة المقال !

اترك تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.