شاهد من قرية البيضا: هكذا قتل شبيحة الأسد 1200 من الأهالي وأحرقوا جثثهم

0

لايمكن الحديث عن أحداث قرية “البيضا” في بانياس وحراكها الثوري الذي قوبل من قبل قوات الأسد بمجزرة لم يشهد التاريخ مثيلاً لها دون ذكر أحد قادة المظاهرات والألق الثوري فيها، وهو الضابط السابق “محمود مصطفى محمود” الذي كان ينظّم ويشرف على كل المظاهرات التي انطلقت من جامع (الثريا) في “البيضا”، ومن بينها مظاهرة النساء اللواتي طالبن بإطلاق سراح معتقلي البيضا، ودفع الثمن غالياً باستشهاد أربعة من أشقائه وحرقهم على يد شبيحة نظام الأسد، واعتقال أربعة من أبنائه بعد أسبوع من اجتياح قوات النظام “البيضا” بتاريخ 12 نيسان عام 2011.

ينتمي “محمود” إلى عائلة معروفة في “البيضا” والساحل السوري عموماً، وتم تسريحه واعتقاله بتهمة سب “حافظ الأسد”، وتوزيع الحلوى على الحاجز الذي كان يخدم فيه ابتهاجاً بوفاته عام 2000.

ويروي محمود إنه عاش الظلم والتهميش قبل الثورة، وإنه قام بتسمية ابنه وهو قبطان باسم “ثائر” بعد أن قال له ضابط علوي آنذاك: “انتو السنة من الدرجة الرابعة”، ما جعل دماء الثورة تتأجج في داخله، وبعد أن قامت الثورة في بانياس كان محمود المحرّض الأول لها، لأنها كانت بداية لرفع الظلم وإعلاء صوت الحق والكرامة.

ويردف “أبو ثائر”: كنت أضطر إلى المرور على حواجز جيش نظام الأسد بأسماء مزوّرة، ولكن مختار البلدة وشى بي وأعطى اسمي ورقم سيارتي للنظام رغم أني كنت جاراً له، ولأن قوات النظام لم ترحم حتى المتعاونين معها، قتله الشبيحة بواسطة ساطور لأن ضميره استفاق متأخراً ورفض أن يخرج على الإعلام ليقول إن الثوار هم من ارتكبوا مجزرة “البيضا”، وخاصة أن المجزرة التي قُتل فيها عدد من أفراد أسرة المختار أيضاً كانت على بعد خطوات من منزله، وبعد أن أخرجوه بالقوة على قناة “الدنيا” ليسرد رواية النظام قاموا بقتله بدم بارد.

1200 شهيد في مجزرة “البيضا” !
لم يشهد التاريخ أبشع من مجزرة البيضا التي ذهب ضحيتها مئات الأبرياء ممن قتلهم شبيحة الأسد وحرقوا جثثهم تحت جنح الظلام.

ويروي أبو ثائر تفاصيل من هذه المجزرة البشعة كما سمعها من أقاربه قائلاً: كانت البيضا آنذاك مطوّقة من القرى والبلدات الجاورة الموالية للنظام على أساس طائفي، فدخل إليها المئات من جيش النظام وقتلوا أكثر من 1200 شخص تم حرق جثثهم في مشهد لم تشهد له البشرية مثيلاً، وتم تجميع الجثث المتفحمة في محل “عزام بياسي” في ساحة “البيضا”.

ويضيف محمود: كان النظام يخطط لعملية تطهير عنصري ومذهبي بكل معنى الكلمة، ولولا فرار المئات من الأهالي عبر الوديان ولجوئهم إلى بعض البيوت والكنائس المسيحية آنذاك لما بقي من أهالي القرية أحد.

عندما عادت “البيضا” إلى “حضن النظام” !
وعلى عادة النظام في الرقص على جثث ضحاياه قام بتنظيم حفل جماهيري بتاريخ 23 رمضان في ساحة البيضا جمع فيه كل وسائل إعلامه بما فيه قناة “الدنيا” وأعضاء لجنة التحقيق الدولية العربية ليقول للعالم أجمع إن “البيضا” عادت إلى حضن النظام، فقام المقدم محمود -كما يقول- بإحضار كل الشباب الثوار الهاربين من بطش النظام ممن كانوا يتفرجون من على الشرفات على المسرحية الهزيلة للنظام لطرد اللجنة الدولية التي كانت بمثابة (الشاهد الزور) وكل أعوان النظام وقنواته وتبدلت الهتافات من صيحات مؤيدة للنظام إلى صيحات تطالب بإسقاطه.

وتابع محمود: حينها أذكر أن أحد عناصر الأمن وهو مسيحي من “البيضا”، وكان يكنُّ لي الود جاء إلى منزلي وقال لي (الليلة جاءت برقية بتصفيتك جسدياً فاهرب إلى تركيا)، وفعلاً في اليوم التالي وحوالي الساعة السادسة صباحاً جاءت دورية من المخابرات الجوية وطوّقت منزلي، فهربت من باب خلفي للمنزل، ولكنهم اعتقلوا أربعة أشخاص كانوا في منزلي ومعهم أخي كما اعتقلوا ابني ثائر على الحدود السورية اللبنانية، وكان اعتقال ابني بأمر مباشرمن “آصف شوكت”، وبعد أن أخذوه إلى دمشق صاروا يهددوني بقتله قائلين:”إذا ما بتسكت بدنا نصفيه”.

عندما عاد “محمود محمود” ليبحث عن أبنائه الباقين الذين اعتقلهم النظام، ودخل إلى “البيضا” عبر الطرق الزراعية ولدى وصوله إلى الساحة الشهيرة رأى بأم عينه همجية ووحشية “جيش الأسد” وشبيحته فطلب من”عمار ياسين” خطيب وإمام (جامع الثريا)– كما قال – أن ينادي عبر مكبر المسجد لتجتمع نساء القرية في ساحة “البيضا” من أجل النزول إلى الطريق الدولية دمشق -اللاذقية، وفعلاً خرجت نساء القرية لمسافة 10 كم وهن يحملن أغصان الزيتون والأزهار وينادين بصوت واحد “بدنا رجال البيضا” واستجاب النظام يومها لطلبهن بعد قطع الطريق لأكثر من 12ساعة وتم الإفراج عن 670 معتقلاً في سجون نظام الأسد.

زمان الوصل

مشاركة المقال !

اترك تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.