وتعوم صورة “القائد” في “سورية الأسد” على بحر من صور القتلى الذين زج بهم في آتون حرب لم تثمر إلا بحصد المزيد من أرواح السوريين، ولطالما حاولت وسائل إعلامه تغييب صورهم ومآسي ذويهم بما فيها طابورهم على أبواب وزارة الدفاع للمطالبة بتعويضات، يؤكد كثير منهم أنهم عبثاً يحاولون.
وفي حين يحاول إعلام النظام تعزيز صورة “القائد” و”فدائه بالدم” يغيّب الدم نفسه، ما خلا بعض زيارات “القائد” وزوجته وأطفاله لبعض من عاشوا المأساة وما زالوا، لا سيما من أبناء “الطائفة” الذين دفعت بمئات الآلاف منهم إلى الموت.

ويشكل الصعود لأرياف الساحل مشكلة درامية لكل من قد يسأل الأهالي عن أبنائهم القتلى، فهؤلاء أصبحوا مجرد صور معلقة على جدران البيوت، وحقوق “الشهيد” باتت عبارة عن جُملة أوراق يُعقد النظام إنهاء شكلها وإبرامها لأسباب غير مقنعة.
“الحكومة رافضة تحويل المعاملة العسكرية الخاصة بأبنائي، واحتجت لأنها تحقق في مقتلهم ومعرفة طريقة الموت ووجود الجثة” يقول (أبو علي) من ريف اللاذقية، وقد فقد اثنين من أولاده عام 2014 في مدينة الرقة، أثناء حصار داعش للفرقة 17، ويؤكد أنه “لم يتلق أي تعويض حتى اللحظة”.
كما يؤكد كثير من أهالي القتلى أن النظام يحول دون إنهاء المعاملات، كي يتأخر بقدر ما يستطيع عن دفع الأموال لذوي الضحايا، وهو ما علّق عليه (أبو علي) بقوله: “الحكومة لا تتأخر في دعوة أمهات الشهداء للأمسيات المعنوية والشعرية وتوزيع الهدايا الرمزية”.
طوابير خبز!
بدورها تقول زوجة ضابط (عميد) من ريف جبلة، إن “المُعاملة التي تنتهي للعسكري لا يُمكن تحويلها إلى حيز التعويض دون الانتظار والتريث من قبل وزارة الدفاع، والتي لم تعد تعامل أهالي الشهداء بأي احترام”، مشبهة طوابير ذوي القتلى على أبواب الوزارة بـ “طوابير الخبز”.
ويلجأ الكثير من هؤلاء إلى “الواسطة” لتحصيل أموالهم ومستحقاتهم المالية، في حين استنكف الكثير من هؤلاء عن المطالبة بتعويضات على أرواح أبنائهم كون أن “قيمة التعويضات لم تتضاعف، وبالكاد يُمكن الحصول عليها”، وبحسب زوجة الضابط “قد يكون نمط فشل الأهالي في الحصول على التعويضات من المؤسسة العسكرية مُبرراً، فالبيروقراطية والتأخير لا يُضيع لأصحاب الحق حقوقهم، فالنظام يتأخر في تمويل التعويضات لكنه لا ينفيها ولا ينكرها”.
لا تعويض لقتلى الميليشيات
وتؤكد مصادر محلية أن “مصاب العلويين في منطقة الساحل يكمن في مصير من التحق بالميليشيات التي شُكلت من قبل أمراء الحرب، حيث موت هؤلاء لا يُساوي شيئاً ولا يتم التعويض عنه أبداً”.
ففي ريف جبلة وبانياس وطرطوس مليء بالأمثلة، حيث تم إغراء آلاف الشبان برواتب “عالية”، وتم توقيعهم على عقود وهمية للالتحاق بالميليشيات، وقد جعل “مقتل أحدهم” من ذويهم أقرب للـ “متسولين” على أبواب أمراء الحرب وقادة هذه الميليشيات.
وفي ريف القرداحة التقت أورينت نت سراً بوالد أحد قتلى هذه الميليشيات يدعى (أبو نزار 70 عاماً) وقد أكد أنه أجبر ولده على الانضمام لميليشيا تتبع (يسار الأسد) وتقاتل في ريف اللاذقية، وقد قاتل ابنه لثلاثة أشهر في جبل الأكراد ليصله بعدها جثة هامدة ولم يعوضه فيه أحد، كما أن راتبه “لم آخذ منه ليرة واحدة” كما يقول، مشيراً إلى أنه وفي محاولة الوصول لسمسار عمليات (يسار الأسد) العسكرية، وجده في فندق الميريديان باللاذقية.

تؤكد المصادر أن القصص في الساحل لا يمكن إحصائها، فالنظام “لم يعد يعتبر شهداءه أبطالاً ولا قيمة لهم”، ولا هم يعتبرونه لازماً لهم، فالمخيلة العامة لديهم بأنهم خسروا كل شيء من أجل أمانٍ رخيص وحياة فقيرة ومهينة.
المصدر: أورينت نت