تودنهوفر وأبوالعز ليسا أول محطة ولن يكونا الأخيرة

0

أخبار السوريين: قبل أسبوع أطل علينا الصحفي الألماني “يوغين تودنهوفر” عبر تسجيل مصور مع الشبيح أحمد شيخ الضيعة معرّفا به بأنه أحد قيادات “جبهة النصرة” واسمه “أبوالعز” حيث حكى “أبوالعز” كل ما يسرّ خاطر بشار الأسد ويجبر خاطره، متهما كل فصائل المعارضة المعتدلة بأنها تتعامل وتتعاون، بل وتتبع للنصرة، وأن النصرة وداعش “مصاصتان في كوب” وبينهما من الود والقرب مابين عنتر وعبلة وقيس وليلى.

طبعا تشكر “زمان الوصل” لما قامت به من تحليل وتفنيد للتسجيل المصور فور صدوره، فيما تداول التسجيل والتحليل النشطاء السوريون والشارع السوري مستبقين أي خطوة أو إجراء قد يقدم عليه النظام لتقديم التسجيل “التحفة” لأصدقائه كي يستعينوا به في المحادثات والمناقشات الدولية معتبرا أن جمهوره في “ضيعة ضايعة” هو نفسه في لندن وباريس وواشنطن، متناسيا أن التهليل والتصفيق الذي قد يناله في الضاحية الجنوبية يتبخر قبل أن يصل شارع الحمرا.

السيد “سيرغي لافروف” بعدها بساعات وخلال لقاءات رسمية وتلفزيونية حرص على الاستشهداد بما فبركه “تودنهوفر” ما أثار سخرية العالم منه، وإن لم يظهر له ذلك، ولكن العالم كله يعرف أن “تودنهوفر” مصنّف على أنه واحد من أكثر الصحفيين المقربين من بشار الأسد وحاشيته، وفي مقدمتهم “شهرزاد” ابنة بشار الجعفري، وأن مراسلاته “الحارة” معها، التي نشرتها جريدة “ناو” عام 2015، منذ لقائه بالأسد في تموز/يوليو 2012 في دمشق تظهر، بالإضافة إلى إعجابه بها باعتبارها “أميرة الشرق الأوسط” إعجابه بالأسد باعتباره “القائد الوحيد” القادر على تأمين “مستقبل مستقر وعصري وديمقراطي” لسوريا.

والشهر الفائت، أعلنت بلدية باريس أنها تعتزم بناء 29 وحدة سكنية ومنحها كمساكن اجتماعية لمحدودي الدخل على أرض صادرها القضاء الفرنسي من رفعت الأسد، بعد أن أحاله للتحقيق ووجّه إليه اتهامات بتبييض أموال واختلاس أموال عامة عندما كان نائبا لأخيه حافظ الأسد في بداية الثمانينات من القرن المنصرم، فيما طعن “رفعت” بأن أمواله عبارة عن هبات وهدايا قدمتها له دول وحكومات عربية وأوروبية “لسواد عينيه”.

وفي نيسان/أبريل الفائت دوّت في العالم فضيحة “وثائق بنما” عندما تم تسريب ملايين الوثائق السرية من شركة “موساك فونسيكا” للخدمات القانونية، كاشفة عن فضيحة كبرى لرؤساء وشخصيات سياسية وعامة متورطين في عمليات إخفاء ثروات وتهرّب ضريبي وغسيل أموال، عبر فتح حسابات سرية في شركات وبنوك لا تخضع لرقابة مالية أو دولية. وبطبيعة الحال ورد اسم بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف في الفضيحة، حيث كشفت الوثائق أن نظام الأسد استطاع الالتفاف على العقوبات الدولية المفروضة عليه من قبل الخزانة الأمريكية والاتحاد الأوروبي عبر اللجوء إلى ثلاث شركات وهمية، بحسب ما أفادت صحيفة “لوموند” الفرنسية و”الاتحاد الدولي للصحافيين الاستقصائيين” يومها، وهذه الشركات الوهمية “المرخصة” في جزر السيشيل هي “ماكسيما ميدل إيست تريدينغ” و”مورغان أديتيفز” و”بانغاتس إنترناسيونال” هي التي وفرت الوقود للطائرات الحربية السورية التي قتلت عشرات الآلاف من المدنيين منذ بداية الثورة في 2011.

وعلى الرغم من أن العقوبات الأمريكية استهدفت الشركات الثلاث منذ تموز/يوليو 2014، إلا أن “موساك فونسيكا” استمرت بالتعامل معها تسعة أشهر بعد فرض العقوبات الأمريكية عليها، ولم يُلتفت إلى نشاطات الشركة والعقوبات التي تستهدفها إلا في آب/أغسطس 2015، ما مكن الأسد من توفير الوقود لطائراته لعامين على الأقل بالإضافة إلى التستر على ثروات عائلة الأسد والحاشية المحيطة بها.

وقبل ذلك أيضا كشف تقرير استقصائي لرويترز عن ضلوع شركات لبنانية مملوكة لمقربين من الأسد أو تابعين له في تهريب النفط الإيراني ومشتقاته إلى سوريا عبر قناة السويس.. وغير ذلك مما يطول ذكره ويصعب بيان تفاصيله، وقد توّعدنا النظام بإغراقنا بهذه الدوامة واستغراقنا بهذه المتاهة، بحسب ما تعلم من الإسرائيلين في سراديب السياسة منذ العام 1990 عندما بدأ أول جولة علنية للمفاوضات في مدريد، وصفها حافظ الأسد نفسه للصحفي المصري “إبراهيم نافع” أنها كانت ملهاة يقصد منها إضاعة الوقت واستنزاف الطاقة دون طائل، فيما كان الأسد يومها جادا في إبرام سلام مع إسرائيل يضمن لوريثه حليفا مخلصا يحول دون إسقاطه فيما إذا قامت في وجهه ثورة عظيمة كالتي نشهدها الآن، والتي باتت زوجة الأسد “الزوجة الوفية” تلعب دورا بارزا في الحرب “الهجينة” التي يخوضها نظام الأسد وحلفاؤه في صراعه ضد الثورة السورية.

بقلم: عبد الرحمن ربوع

مشاركة المقال !

اترك تعليق

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.