أخبار السوريين: لم تنته تداعيات التوتر السعودي الإيراني على المشهد اللبناني وبات محسوماً أن قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين من جهة المملكة سترد عليه إيران بقطع الطريق أمام مبادرة الرئيس سعد الحريري لإنهاء الشغور الرئاسي في قصر بعبدا وانتخاب النائب سليمان فرنجية، كما قطع الطريق أمام الحريري نفسه للعودة إلى رئاسة الحكومة كنتيجة لانتخاب فرنجية مع الخشية من تداعيات أمنية وهو ما عبّر عنه عضو كتلة المستقبل النائب احمد فتفت الذي قال صراحة “نعم، أتخوّف هذه المرّة من انعكاس التوتر الاقليمي سخونة امنية في لبنان، لأن دعوة الاغتيال العلنية التي كتبها اللواء جميل السيّد عبر “تويتر” هي مقدمة لما نراه وسنراه، إضافة إلى أن الكلام التحريضي الفتنوي الذي قاله أمين عام حزب الله لا يُبشّر بالخير”.
وكان اللواء المتقاعد جميل السيّد، كتب في تغريدة حول كلمة رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة في ذكرى اغتيال الوزير السابق محمد شطح “كثيرون يظنون أن اغتيال شخصية ما هو مؤامرة، لكن إبقاء شخصية على قيد الحياة قد يكون مؤامرة”، وهو ما رأى فيه تيار المستقبل تهديداً صريحاً للسنيورة “ممن اعتاد التهديد العلني لشخصيات سياسية وأمنية وقضائية واعلامية، وللتذكير هذا غيض من فيض تهديدات من يبدو لا جميلاً ولا سيداً”.
وفي سياق الترددات على الساحة اللبنانية، وبعد موقف كل من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من آل سعود ورد الرئيس الحريري عليه، تواصلت السجالات بين قياديي الحزب والمستقبل وإعتبر رئيس الهيئة الشرعية في حزب الله الشيخ محمد يزبك ” أن مسؤوليتهم مع جميع المسلمين في العالم، الوقوف في وجه بني سعود، وفي وجه الفتن”، واصفاً ” إغتيال الشيخ نمر باقر النمر بالجريمة النكراء، التي ستأتي على ملك بني سعود وتدمّره”.
وسأل “أين العالم اليوم ومنظمات حقوق الانسان، والمدافعون عن الحريات وحق التعبير في إبداء الرأي، من هذه الجريمة!؟، متوعداً بالمواجهة بالقول: ” لن نقول آخ، واننا سنواجههم، والساح بيننا وبينهم، واننا لمنتصرون”، معتبراً “أن زج اسم الشيخ النمر مع عدد من عناصر “داعش” و”القاعدة”، إمعان في الظلم والتضليل”.
في المقابل، أعلن وزير العدل اللواء أشرف ريفي “أننا تابعنا كما تابع الرأي العام اللبناني أمين عام حزب الله المكلف شرعياً من إيران بتنفيذ اجندتها التوسعية في لبنان والعالم العربي، وهو يحاضر في مفهوم حقوق الانسان، وفي نبذ الفتنة المذهبية، ورفض العنف، ومواجهة نظم الاستبداد، في مشهد يوحي بالتعامي الكامل عن الواقع وأحداث التاريخ التي تشهد على نظام ولاية الفقيه، وحزبه اللبناني، وسائر فروعه في العالم العربي، بأنه الأعتى في الاستبداد والبطش والعنف والارهاب المنظم، الذي مورس منذ العام 1979، بحق الشعب الإيراني وقياداته، ونخبه الفكرية والثقافية، التي سحقها إبان الثورة الخضراء بالحديد والنار والدم، لمجرد مطالبتها بالحرية، والذي استنسخ بالنموذج نفسه، في لبنان وسوريا والعراق واليمن، قمعاً واغتيالاً وسحقاً للشعوب الناشدة للحرية، وخصوصاً في سوريا التي نفذت فيها إيران وغطت أكبر مجزرة شهدها العالم المعاصر”.
وقال ريفي في بيان له “إذا كانت الذاكرة المثقوبة لنصرالله قد تجاهلت هذه المآثر بحق لبنان واللبنانيين، كما بحق سوريا، وسائر مسارح النفوذ الإيراني في العالم العربي، فمن الضروري تذكيره بما مارسه حزبه منذ النشأة، بحق النخب واهل الفكر، في مشهد جاهلي لا يمكن ان تمحوه الذاكرة”. وأشار إلى “ان هذا التمادي في التضليل وادعاء الطُهرانية، والتنكر لوقائع التاريخ الأسود لحزب نصرالله، القائم على العنف والخطف والارهاب والاغتيال، وتصفية الخصوم، وتخوينهم وتكفيرهم،وافتعال الفتن المذهبية، يحتّم علينا التذكير بما قام به هذا الحزب، في لبنان بدءاً من قتل ضباط الجيش اللبناني بدم بارد، مروراً باستهداف قادة المقاومة الوطنية،وصولاً الى اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وشهداء ثورة الارز، دون ان ننسى السابع من ايار وما شهده من جرائم مروعة، وما اعقبه من استمرار تعطيل الدولة والمؤسسات بقوة سلاح الأمر الواقع”.
وأضاف ريفي “نسأل اليوم من نصّب نفسه ناطقاً باسم حقوق الانسان، عن الجرائم الكبرى التي يمارسها حزبه في سوريا دعماً للنظام المجرم، نسأله هل شاهد وهو الذي يتابع عن كثب، عشرات آلاف الصور الموثقة من الأمم المتحدة، للضحايا السوريين الابرياء الذين قتلوا في أقبية حليفه بشار الاسد، جوعاً وتعذيباً وتنكيلاً، وتقطيعاً للأجساد؟”.
وتابع ساخراً نسأل اليوم “داعية السلام ونبذ العنف”، عن مشاركة حزبه في تهجير السوريين من مدنهم وقراهم، وقتلهم وإبادتهم، نسأله عن اثارة الفتنة المذهبية في سوريا، التي يشارك فيها حزبه، والتي ادت الى تعميق الجروح والأحقاد، لافتاً إلى “ان هذا التاريخ الحافل، يجرّد صاحبه من اي مصداقية، لا بل يعرّيه، امام الشعب اللبناني والعربي وامام العالم، من أي حصانة اخلاقية وانسانية، وهو المدان بارتكاب الجرائم الكبرى، التي لن يمحوها التاريخ”.
وأكد ريفي “أن هذا التاريخ الحافل والاسود لا يعطي صاحبه الحق بالجلوس على قوس المحكمة، بل مكانه الطبيعي في قفص الاتهام، كما لا يسمح له بمصادرة قرار الشعب اللبناني، ولا يجيز له الاعتداء على سيادة دولة شقيقة كالمملكة العربية السعودية التي كانت على الدوام الداعمة الاولى للبنان ومؤسساته، وللوحدة الوطنية، وهي التي وقفت بكبر واخوة قلّ نظيرها، مع الشعب اللبناني، وساندته على كل الصعد”.
وختم ريفي “لأمين عام حزب الله نقول: اذا كنت تأتمر بتوجيهات إيران ومصالحها، فنحن من موقع المسؤولية الوطنية، لن نسمح ان يكون لبنان الخاصرة الرخوة لتصفية الحسابات، وسنظل حريصين على العيش المشترك، وعلى الأمن والاستقرار”.
في غضون ذلك، طرح رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عبر “تويتر” سؤالاً برسم كل اللبنانيين وسأل في اشارة الى مواقف حزب الله “ما الذي يدفع البعض الى تعريض الأمن القومي اللبناني للخطر من خلال مهاجمة دول عربية صديقة وشقيقة بهذه الحدّة من دون مبرر له علاقة بالمصلحة اللبنانية لا من قريب ولا من بعيد؟”. ودعا جعجع “كل الفرقاء السياسيين الى التحلي بالهدوء والرويّة في هذه المرحلة العصيبة من تاريخ المنطقة لأنه في نهاية المطاف، واجبنا الأول والأخير، وبغض النظر عن أي شيء آخر وبمعزل عن أي حدث آخر، الحفاظ على وطننا لبنان”.
كما رأى حزب الكتائب “أن التوتر الإقليمي يرتد بشكل مباشر على الداخل اللبناني ويساهم في ترسيخ الانقسام وحالة التشنج على خلفية الاصطفاف الأقليمي والمذهبي”. واعتبر “أن هذا التوتر في المنطقة وترجمته بحركة انفعالية في الداخل يحتم لمعالجته خياراً واحداً هو اعتماد الحياد كأساس ونهج صالح لحماية لبنان وصون وحدته الداخلية”. وندّد “بالمواقف التي أطلقت في الساعات الماضية والتي من شأنها توريط لبنان واقحام اللبنانيين في صراعات لا علاقة للبنان بها”. القدس العربي.